أوطان كانت تنسب للأبطال : صارت تنسب لصبيان الطرب والراب

مكتوب بواسطة اعلام الاتحاد
  • منذ 4 سنة
  • 509


أوطان كانت تنسب للأبطال : صارت تنسب لصبيان الطرب والراب

كتب : ابراهيم ابوذكري

في إجتماع عقد من فترة في مقر مجلس وزراء الداخلية العرب بين ضباط الاعلام  الأمني بوزارات الداخلية وبين رؤساء بعض المؤسسات الاعلامية العربية الكبري برئاسة اللواء محمد علي كومان الامين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب .. وقد شرفت بعضوية هذا الاجتماع الذي كان يهدف بوضع آليات لوسائل الإتصال والتواصل بين الشرطة والشعب واختيار احسن الطرق لسرعة سد ثغرة الثقة التي اهتزت من آثار حملات التشكيك الاخوانية التي اجتاحت العالم العربي من مشرقه لمغربه وتحسين صورة الشرطي العربي واعادة الثقة فيه وهو المواجه لمطالب الجمهور والتغلغل في وجدان المواطن العربي بما تقدمه الشرطة من خدمات 
ولما اخذت الكلمة بعد حوارات اكاديمية وعلمية اشهد باني في هذا التوقيت لم اكن اتوقع مستوي ضباط الاعلام بوزارات الداخلية العرب قد وصل الي هذا المستوي من التحضر والفهم المبني علي دراسات وابحاث يرفع لها القبعات .. فقد بادرت بقولي بعد الترحيب والتعليق علي بعض النقاط مما سمعت في مداخالات قصيرة وجدت استجابة من المجتمعين .. وقلت .. انا اتحدث عن بلدي مصر  واتحمل مسؤلية ما اقول امام بلدي .. لكي لا يكون هناك حساسية من احد ضباط العالم العربي تجاهي  .. ان اغنية من هيفاء وهبي تدخل مباشرة الي وجدان الشارع المصري خير من الف خطبة يلقيها مسؤول بالداخلية حتي ولو كان الوزير .. فهذه الايام فقدت الدول ثقة مواطنيها بسبب ابواق اعداء  العرب والمخطط الامريكي تجاه ثروات العرب ووسيلته  في تقطيع جزور الثقة والانتماء بالاوطان العربية بدراسات وعلوم متقدمة وابلغ مثال علي ما اقولك مراكز التدريب الامريكية التي دربت بعض الشباب العرب للقيام بالثورات وصناعة الفوضي بالعالم العربي .. وكان ما كان .. وبعد فترة صمت من قولي هذا من المجتمعين رأيت ضحكة  .. وبسمات تدل عن اقتناعهم بما اقول ثم طالبت ببعض النقاط .. واستكملت هذه المهمة في استخدام القوي الناعمة لاصلاح ما تم افساده بالمجتمع العربي من خلال المجتمع المدني  بعض اللقاءات وفِي هذا الموضوع لنا لقاء اخر 
أما الان اتذكر سبب هذه المقدمة المطولة  والتي استعرضت فيها هذا الاجتماع بعد قراءه مقال كتب من كاتبة جزائرية حزينة وساخطة علي سلوك المواطنين العرب في كل مكان من المحيط للخليج .. وعلي ما وصل اليه الشارع العربي من تدني .. ومن تقطيع جذوره .. وطمس التاريخ العربي والوطني الذي هو دليل الاجيال .. خجلت الكاتبة الجزائرية من استحداث عادات وسلوكيات لم تمر علينا بالتاريخ العربي واترك مقالها يتحدث عن نفسه ،،، الذي نشر بعنوان  

“دافعوا عن وطن هيفاء وهبي”*

واقسم بالله انه هوعنوان مقال الاديبة الجزائرية المشهورة أحلام مستغانمي. وسرعان ما اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي لانه جدير بالقراءة .
وهذا نصه :

 (نعم انه وطن محمد عساف و يعقوب شاهين ، دافعوا عن وطن هيفاء وهبي ... 

وصلتُ إلى بيروت في بداية التسعينات، في توقيت وصول الشاب خالد إلى النجوميّة العالميّة.
أُغنية واحدة قذفت به إلى المجد كانت أغنية "دي دي واه" شاغلة الناس ليلاً ونهاراً. ..

على موسيقاها تُقام الأعراس، وتُقدَّم عروض الأزياء، وعلى إيقاعها ترقص بيروت ليلاً، وتذهب إلى مشاغلها صباحاً.

كنت قادمة لتوِّي من باريس، وفي حوزتي كتاب "الجسد"، أربعمائة صفحة، قضيت أربع سنوات من عمري في كتابته جملة جملة، محاوِلة ما استطعت تضمينه نصف قرن من التاريخ النضالي للجزائر، إنقاذاً لماضينا، ورغبة في تعريف العالم العربي إلى أمجادنا وأوجاعنا. ، لكنني ما كنت أُعلن عن هويتي إلاّ ويُجاملني أحدهم قائلاً: "آه.. أنتِ من بلاد الشاب خالد!"،
هذا الرجل الذي يضع قرطاً في أذنه، ويظهر في التلفزيون الفرنسي برفقة كلبه، ولا جواب له عن أي سؤال سوى الضحك الغبيّ، أصبح هو رمز للجزائر.

العجيبة أن كل من يقابلني ويعرف أنني من بلد الشاب خالد فوراً يصبح السؤال، ما معنى عِبَارة "دي دي واه" ؟ ، وعندما أعترف بعدم فهمي أنا أيضاً معناها، يتحسَّر سائلي على قَدَر الجزائر، التي بسبب الاستعمار، لا تفهم اللغة العربية!

وبعد أن أتعبني الجواب عن "فزّورة" (دي دي واه)، وقضيت زمناً طويلاً أعتذر للأصدقاء والغرباء وسائقي التاكسي، وعامل محطة البنزين المصري، ومصففة شعري عن جهلي وأُميتي، قررت ألاّ أفصح عن هويتي الجزائرية، كي أرتاح.

الحقيقة أنني لم أحزن أن مطرباً بكلمتين، أو بأغنية من حرفين، حقق مجداً ومكاسب، لا يحققها أي كاتب عربي نذر عمره للكلمات، بقدر ما أحزنني أنني جئت المشرق في الزمن الخطأ.

ففي الخمسينات، كان الجزائري يُنسبُ إلى بلد الأمير عبد القادر، وفي الستينات إلى بلد أحمد بن بلّة وجميلة بو حيرد، وفي السبعينات إلى بلد هواري بومدين والمليون شهيد ...

واليوم يُنسب العربي إلى مطربيه، إلى الْمُغنِّي الذي يمثله في "ستار أكاديمي".

وقلت لنفسي مازحة، لو عاودت إسرائيل اليوم اجتياح لبنان أو غزو مصر، لَمَا وجدنا أمامنا من سبيل لتعبئة الشباب واستنفار مشاعرهم الوطنية، سوى بث نداءات ورسائل على الفضائيات الغنائية، أن دافعوا عن وطن هيفاء وهبي وإليسا ونانسي عجرم أو مروى وروبي وأخواتهن .. فلا أرى أسماء غير هذه لشحذ الهمم ولمّ الحشود.

وليس واللّه في الأمر نكتة. فمنذ أربع سنوات خرج الأسير المصري محمود السواركة من المعتقلات الإسرائيلية، التي قضى فيها اثنتين وعشرين سنة، حتى استحق لقب أقدم أسير مصري، ولم يجد الرجل أحداً في انتظاره من "الجماهير" التي ناضل من أجلها، ولا استحق خبر إطلاق سراحه أكثر من مربّع في جريدة،
بينما اضطر مسئولو الأمن في مطار القاهرة إلى تهريب نجم "ستار أكاديمي" محمد عطيّة بعد وقوع جرحى جرّاء تَدَافُع مئات الشبّان والشابّات، الذين ظلُّوا يترددون على المطار مع كل موعد لوصول طائرة من بيروت.

في أوطان كانت تُنسب إلى الأبطال، وغَدَت تُنسب إلى الصبيان، قرأنا أنّ محمد خلاوي، الطالب السابق في "ستار أكاديمي"، ظلَّ لأسابيع لا يمشي إلاّ محاطاً بخمسة حراس لا يفارقونه أبداً .. ربما أخذ الولد مأخذ الجد لقب "الزعيم" الذي أطلقه زملاؤه عليه!

ولقد تعرّفت إلى الغالية المناضلة الكبيرة جميلة بوحيرد في رحلة بين الجزائر وفرنسا، وكانت تسافر على الدرجة الاقتصادية، مُحمَّلة بما تحمله أُمٌّ من مؤونة غذائية لابنها الوحيد، وشعرت بالخجل، لأن مثلها لا يسافر على الدرجة الأُولى، بينما يفاخر فرخ وُلد لتوّه على بلاتوهات "ستار أكاديمي"، بأنه لا يتنقّل إلاّ بطائرة حكوميّة خاصة، وُضِعَت تحت تصرّفه، لأنه رفع اسم بلده عالياً!

هنيئا للامة العربية
هنيئا لامة رسول اللهﷺ
إنا لله وإنا إليه راجعون.

فهمت الان ياولدي
لماذا قلت لا تكبر؟!


أوطان كانت تنسب للأبطال : صارت تنسب لصبيان الطرب والراب


البث المباشر

قناة الإتحاد
إستطلاعات الرأي