فيلم الست هو اجتهاد "مقبول" في عالم السينما. اما محبي الست فلا اظن انهم سيسعدوا به علي الاطلاق.:
ملاجظات حول فيلم الست بقلم السفير حسام ذكي
في ضوء الجدل الدائر بشأن الفيلم اقتطعت وقتاً لاشاهده اولا حتي اقول رأيي في الموضوع. وها هي ملاحظاتي:
١- بدايةً، كان يزعجني كثيرا الحديث والاتهامات التي كانت تلقي منذ عرض الفيلم حول فرضية وجود "مؤامرة" لتشويه سمعة السيدة ام كلثوم. و ما وقر في وجداني بعد مشاهدته هو ان تلك النظرة غير صحيحة ولا تقف علي قدمين اطلاقا. ولا اري اي داعي للالتفات لها.
٢- الانتاج كبير والمخرج استخدم ادوات سينمائية عديدة بشكل ناجح. والانتاج الكبير بعناصره الصورة والصوت والموسيقي الخ يزيد من "ثقل" الفيلم ويعطيه بعداً مهماً تشعر به قبل حتي ان تنظر في مضمونه.
٣- أما في المضمون، فالملاحظة العامة الاولي هي ان حياة السيدة ام كلثوم ضخمة وثرية ومديدة ومليئة بالاحداث الهامة ومن الصعوبة بمكان ان يستوعبها فيلم واحد حتي لو كان حوالي ٣ ساعات. من هنا كان طبيعي ان يذهب المؤلف والمخرج الي فكرة الانتقاء وهي ضرورية. أما اية احداث يتم اختيارها فهذا سؤال محوري يثير جدلا كبيرا طبعا، ورأيي انه كانت هناك مواقف عديدة في حياتها لا تقل اهمية بل ربما تزيد اكثر بكثير عن المواقف التي بها تركيز علي جانب "الست" في شخصيتها وما يتبعه من تركيز علي رجال كان لهم تواجد وأثر في حياتها والتي انتقاها السيناريست لتكون المنظور الاساسي لفيلم ضخم عن السيدة ام كلثوم.
٤- المهم ايضا ان الفيلم بهذا قد اغفل التعامل مع عنصر رئيسي وهو اغاني وموسيقي الست (حرفة ام كلثوم ومضمون حياتها) وكيفية صناعتها وتطورها وكيف كانت تعمل مع الملحنين والشعراء لانتاج الابداع الاستثنائي الذي جعلها متفردة و اوصلها لمكانتها الرفيعة في مصر والعالم العربي وماوراءه. هذا عيب رئيسي وفشل كبير للفيلم يسأل عنه المخرج والمؤلف بلا شك اللذين يتحملان مسؤوليته.
٥-لذلك لم اقتنع بأن سيناريست الفيلم قام بعمل مهم، بل اري انه كان الحلقة ربما الاضعف في الانتاج كله. سواء من حهة انتقاء المواقف او ترجمتها في صورة سيناريو الخ. كان ضعيفاً وغير مقنع. من ذلك مثلا القصة المتعلقة بمرض الغدة الدرقية لديها والورم الذي هدد قدرتها علي الغناء استخدم فقط لتعريفنا بعلاقتها بطبيبها ، ومن بعد ذلك زوجها د. حسن حفناوي. ولم يتابع الامر دراميا ولم يغلق الموضوع للمشاهد. كان يمكن للسيناريو ان يوفر عمقاً مطلوباً للفيلم ولكنه غاب للاسف. ولم تتمكن عناصر الانتاج الكبير من التغطية علي ذلك.
٦- عن الاداء: لم أجد اداء مني زكي سيئاً كما اوحت منشورات عديدة علي السوشال ميديا. ربما هي اعتمدت علي ملامح وجهها المثقل بالمكياج في سيناريو لا يضع علي لسانها كلاماً كثيراً ولا شك ان هذا ليس امرا سهلا. ربما بالغت في بعض المشاهد بالتعبير بملامح الوجه او بالصوت لكنني لم انزعج مثل اخرين انها هي التي تقوم بالدور، بل انني لا اعتقد ان نجمة اخري قد تكون لديها الجرأة للقيام بهذا العمل بالغ الصعوبة.
٧- الموسيقي التصويرية، رأيت انها كانت ملائمة عموماً لرؤية المخرج لفيلم "غربي الايقاع" ولكن اتفق مع من قال انه كان الاجدر ان تكون الموسيقي في جزء منها علي الاقل شرقياً ليخدم علي قصص حياة اسطورة الطرب الشرقي في العصر الحديث.
٨- اجمالا، الفيلم قد يستحق المشاهدة من جانب محبي السينما عموما وهو اجتهاد "مقبول" في عالم السينما. اما محبي الست فلا اظن انهم سيسعدوا به علي الاطلاق.
السفير حسام ذكي