إن كان خوفو وخفرع ومنقرع قد بنوا الأهرامات الثلاثة فاروق حسني باني الرابع

مكتوب بواسطة Abouzekri
  • منذ 4 يوم
  • 231


إن كان خوفو وخفرع ومنقرع قد بنوا الأهرامات الثلاثة فاروق حسني باني الرابع

إن كان خوفو وخفرع ومنقرع قد بنوا الأهرامات الثلاثة، فإن فاروق حسني هو باني الهرم الرابع

المتحف المصري الكبير… الهرم الرابع الذي يروي قصة المصري الذي لا يعرف المستحيل

 

 

 

إبراهيم أبوذكري

بينما يترقب العالم لحظة افتتاح المتحف المصري الكبير في عام 2025، تقف مصر على موعد جديد مع التاريخ، لتؤكد من جديد أنها لا تعرف المستحيل، وأن إرادة البناء والعطاء ما زالت تسري في عروق أبنائها كما سرت في أجدادهم الذين شيدوا الأهرامات وسطروا أولى صفحات الحضارة الإنسانية.

إنه مشروع ليس كمثله مشروع، ليس مجرد متحف، بل شهادة على أن روح المصري لا تموت، وأن هذا الشعب قادر في كل زمان على أن يُبهر العالم من جديد.

ها هو المتحف المصري الكبير، شامخًا على مشارف هضبة الجيزة، يقف كرمز خالد لامتداد عبقرية المصريين عبر العصور. ففيه يلتقي الماضي بالحاضر، وتتلاقى أنفاس الأجداد مع أحلام الأحفاد، ليُولد مجد جديد يُضاف إلى سجل الإنجازات المصرية التي لا تنتهي.

في كل زاوية من هذا الصرح العظيم، تتحدث الحجارة بلغة الفخر، وتتنفس الجدران عبير التاريخ. هنا تتجلى الأيادي التي بنت الأهرامات وشقت قناة السويس، وهي نفسها التي تواصل اليوم بناء مصر الحديثة، مصر التي لا تنحني، ولا تعرف إلا طريق الصعود.

المتحف المصري الكبير ليس فقط بيتًا للآثار، بل مرآة لروح وطن ظل عبر آلاف السنين يصنع الحضارة وينشر النور. إنه رسالة من مصر إلى العالم تقول: ها نحن من جديد… من أرض الفراعنة، من قلب التاريخ، نُعيد كتابة الحاضر ونصنع المستقبل.”

وعندما تُفتح أبوابه للعالم في عام 2025، لن يكون الزائر أمام مجرد متحف، بل أمام رحلة في وجدان الإنسان المصري، من أول نقش على جدار معبد، إلى أحدث تصميم هندسي يلامس السماء. سيشعر كل مصري أن جزءًا من قلبه يسكن هناك، بين تماثيل أجداده ونبض أحفاده.

نعم… المتحف المصري الكبير هو الهرم الرابع، ليس لأنه ينافس أهرامات الجيزة في العظمة، بل لأنه يحمل نفس الرسالة: أن المصري باقٍ، والبناء باقٍ، والحضارة مستمرة.

منذ أن خلق الله آدم وحتى تقوم الساعة، سيبقى على هذه الأرض شعب يُدعى المصريين، يعرفون طريق المجد، ويُعيدون في كل عصر تعريف معنى الخلود.

في مساءٍ دافئ تغمره أنفاس القاهرة، كان الهواء يحمل شيئًا من عبق النيل وشيئًا من غبار الأهرامات، عندما جلستُ مع الفنان فاروق حسني في لقاءٍ امتد أكثر من ساعتين، كأنه رحلة في ذاكرة الزمن.

لم يكن حوارًا عابرًا، بل مكاشفة بين الحلم والواقع، بين فنانٍ يرى بعين القلب، وصحفيٍ يحاول أن يلاحق خيوط الضوء المتناثرة من روحه.

قال لي فاروق حسني بصوتٍ تملؤه الدهشة كما لو أنه ما زال يعيش اللحظة الأولى:

“كنت أرى المكان بعيني قلبي… أرض تمتد بين الأهرامات والجيزة، تستحق أن تُصبح منظومة متكاملة، لا مجرد متحف. منطقة تتوحد فيها الحضارة مع الحياة، حيث يقف الماضي شامخًا بجوار المستقبل.”

ثم أخذ يرسم بيديه في الهواء كما لو أنه لا يزال يخطط المشروع على ورقة حلمه الأولى، يصف ما سيُزال من المباني القديمة التي كانت تشوه المشهد، وما سيُضاف من الفنادق والمطارات والخدمات الحديثة، لتتحول المنطقة كلها إلى لوحة متكاملة، تمتد فيها خطوط الفن والعمارة والرؤية، من هضبة الأهرام حتى أبواب المتحف الكبير.

كان يتحدث بشغف من يؤمن أن الفن ليس ترفًا، بل قوة تبني وتُغير وتُخلّد. يقول:

“كنت أريد أن أُعيد وصل ما انقطع… أن أجعل الزائر عندما يأتي إلى الأهرامات، يشعر أنه ما زال في قلب مصر القديمة، لكنه يسير في زمن جديد.”

ومع كل جملة، كنت أشعر أنني لا أستمع إلى وزير سابق، بل إلى فنان عاشق لوطنه، يتحدث عن لوحته الكبرى — لوحةٍ اسمها “مصر”، يرسمها بالأفكار لا بالألوان.

اللقاء الذي استمر أكثر من ساعتين كان كقصيدة طويلة، تتنقل بين الواقع والحلم، بين الملموس والمتخيل، حتى بدا المتحف المصري الكبير أمامي كأعجوبة من عجائب الدنيا السبع، تولد من رحم فكرة خرجت من قلب فنان آمن بأن مصر تستحق ما هو أعظم دائمًا.

ومضت السنوات، وتبدلت الوزارات، وتعاقبت الحكومات، لكن الحلم لم يمت. ظل حيًا في الذاكرة الوطنية، يسكن عقول المعماريين، وقلوب الأثريين، وأرواح كل مصري آمن بأن هذه الأرض لا تُنجب إلا العظمة.

واليوم، ونحن على أعتاب افتتاح هذا الصرح الأسطوري، يعود السؤال الذي طرحته على نفسي وأنا أغادر صومعته في نهاية اللقاء: ماذا يمكن أن نقدمه لهذا الرجل في يومٍ كهذا؟

هل يكفيه التكريم؟ أم أن الخلود وحده هو الجائزة التي تليق بمن أعاد للأحجار روحها وللتاريخ مجده؟

إن فاروق حسني لم يبنِ جدارًا ولا سقفًا، بل أقام جسرًا بين زمنين. جمع في فكرته بين سكون الأهرامات وحيوية المستقبل، بين عبقرية المصري القديم وابتكار المصري الحديث.

وها هو المتحف المصري الكبير — الهرم الرابع — يقف اليوم شاهدًا على أن الفن حين يكون وطنيًا، يصبح معجزة.

وفي يوم الافتتاح، حين تُضاء الأنوار وتُفتح الأبواب، سيبقى في قلب كل مصري صوت ذلك الفنان الحالم، يهمس من خلف الزمن: لقد وعدتكم بمجدٍ يليق بمصر… وها هو الحلم قد صار حقيقة.”

اليوم، ونحن نرى المتحف المصري الكبير يوشك على فتح أبوابه أمام العالم، نتذكر ذلك الفنان الذي غرس البذرة الأولى، وسقى حلمه بالإيمان والفكر والخيال.

فكيف لا نُكرّم من وضع اللبنة الأولى في هذا الصرح، الذي صار بحق أعجوبة من عجائب الدنيا السبع الجديدة؟

كيف لا نرفع القبعة لذلك الرجل الذي رأى المستقبل بعين القلب، وأعاد إلى الفن والثقافة دورهما الخالد في صنع هوية الوطن؟

إن فاروق حسني لم يبنِ متحفًا فحسب، بل أعاد تعريف معنى الجمال الوطني. جمع بين عبقرية المصري القديم وذكاء المصري المعاصر، وصنع فكرةً تتجاوز حدود الحجر إلى فضاء الروح.

وفي يوم افتتاح المتحف المصري الكبير، حين تُضاء الأنوار وتُفتح الأبواب، سيقف العالم مبهورًا بالإنجاز، لكن في قلب كل مصري سيتردد اسمٌ واحد في صمت الفخر والامتنان: فاروق حسني… الفنان الذي حلم فصدق، ورسم فأنجز، فخلّد اسمه بين بناة المجد. 

وكلمة لابد منها : في كل عصرٍ تبقى مصر مدينةً للحالمين… أولئك الذين يرون ما وراء الأفق، ويمنحون لأمتهم مجدًا جديدًا.

وإن كان خوفو وخفرع ومنقرع قد بنوا الأهرامات الثلاثة، فإن فاروق حسني هو باني الهرم الرابع — متحف المصري الكبير، الهدية التي قدمها فنان عاشق لوطنه للعالم أجمع، ليقول: ها هي مصر… لا تكتفي بالماضي، بل تصنع المستقبل بيد الفن والحلم.”

 


إن كان خوفو وخفرع ومنقرع قد بنوا الأهرامات الثلاثة فاروق حسني باني الرابع


قناة الإتحاد
إستطلاعات الرأي