حسن راتب ؛ احياء القيم الدينية صمام الأمان للمجتمع

مكتوب بواسطة
  • منذ 5 سنة
  • 1004


حسن راتب ؛ احياء القيم الدينية صمام الأمان للمجتمع

د.حسن راتب يكتب:
إحياء "القيم الدينية" صمام الأمان للمجتمع

ما يطرأ حولنا من مشكلات حياتية وإن كانت مجرد حالات عارضة وبعيدة كل البعد عن طبيعة الشعب المصرى إلا أنها تضع أيدينا على حقيقة مؤكدة وهى أنها مجرد إفراز طبيعى لحالة من الانفصام التام عن تعاليم الدين السمحة او على الاقل نتيجة لحالة من التشويش المتعمد يقودها اعداء الوطن ضد المعانى النبيلة والصفات الحميدة التى دعا اليها  الحبيب المصطفى .. الهادى البشير ، فأنا على قناعة تامة بأن كل منا يؤخذ منه ويرد عليه إلا المصطفى سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم  لأنه كما قال عنه رب العزة جل شأنه "ما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي علمه شديد القوي".
وفِي مشربي واعتقادي ايضاً أن تلك القناعة وهذا الفكر هو القاعدة الاساسية التى ارتكزت عليها دعوة الزعيم والقائد عبد الفتاح السيسى للمثقفين والعلماء من أجل المشاركة الفعالة فى نشر الوعي الديني المستنير وهنا تكمن أهمية تلك الدعوة التى اطلقها السيد الرئيس بقوله "دعونا نستدعي القيم الدينية التي حثنا عنها سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ومنها على وجه التحديد صفات الإخلاص في العمل والصدق والتفانى والوفاء بالوعد والابتعاد عن كافة مظاهر السفه .. الخ ، وفى تقديرى فإن الرئيس أراد أن يستدعى بداخلنا أهمية الاقتداء بسيد الخلق أجمعين وأن نأخذ عنه القيم الدينيه النبيلة التى يجب ان نواجه بها دعاة الاٍرهاب والعنف والتطرف لأنها فى حقيقة الأمر تمثل أقوى سلاح يمكن أن نستخدمه فى حرب الوجود التى نخوضها ضد أعداء الدين بل وأعداء الانسانية جمعاء .
 ولأننى دائما أحرص كل الحرص على النظر والتدقيق فى تفاصيل الأشياء وعدم المرور أمام القضايا المهمة والحيوية مرور الكرام فإننى أرى أن دعوة السيد الرئيس لاستدعاء القيم الدينية النبيلة بداخلنا وإحياء الصفات النبيلة هي دعوة مخلصة نابعة من القلب بل صادفها التوفيق.. واستوقفنى فى هذا الأمر أيضاً أن تلك الدعوة بشأن إحياء مبادئ الدين السمحة  قد جاءت  فى وقت يموج بعلل أصابت قطاع كبير من شباب الأمة بالتطرف والارهاب  وهى مسألة حيوية تتطلب وتستوجب أن نواجهه بالحجة والمنطق والاقتناع وهو ما يتطلب التمسك بالقيم الدينية والصفات العظيمة ، الأمر الذى يبرز بوضوح دور العلماء والمثقفين الذين يجب عليهم ان يضطلعوا بدورهم ويتحملوا مسؤولياتهم في مواجهة تلك الظواهر الخارجة عن سياق الدين الصحيح والبعيدة كل البعد عن تعاليم الدين الحنيف والتي أراها لا تمت بأى صلة بدعوة محمد بن عبدالله من قريب أو بعيد فهو المبعوث رحمة للعالمين وهو الذى اراد له ربه أن يكون سراجاً منيراً أضاء به البشرية من الظلمات  .
إن ما يحدث من حولنا الآن شئ خارج حدود العقل والمنطق ، فها هى أرواح تزهق بغير حق ودماء تسفك  بغير سبب  وأفعال وتصرفات تتم جهاراً نهاراً تحت بإسم  الدين  ، كما تقترف تصرفات وحماقات ما انزل الله بها من سلطان  ، وهو ما يدعونى لأن أكرر ما قلته من قبل بأن دعوة الرئيس فى هذا الصدد قد جاءت في موضعها وتوقيتها المناسب لأنها فى حقيقة الأمر دعوة خالصة لوجه الله تعالى خرجت من زعيم وقائد أراد أن يستنهض بها اصحاب الرشد والإرشاد  كما اراد أيضاً أن يدفع علماء الأمة ومثقفيها لأن يتحمل كل منهم مسؤليته أمام المجتمع والوطن وقبل هذا وذاك أمام الله عز وجل ، لذا فقد جاءت هذه الدعوة بمثابة صحوة بكلمات واضحة لالبس فيها ولاخلط  ، فالرئيس ومن خلال موقعه كأعلي مسؤل  فى الدولة يري الأمور بنظرة واعية وادراك شامل تعي الاثار والمؤثرات وتدرك العواقب  والمعقبات .. مما يتطلب أن يجتمع العقلاء والعلماء والمثقفين والرواد علي كلمة سواء لوضع برامج لمواجهة تلك الظواهر الدخيلة علي ديننا السمح ، الغريبة علي ثقافة مجتمعنا  .
واحقاقاً للحق فقد أخذ هذا الامر مأخذ الجد من حيث التشخيص والعلاج بأسلوب علمي وهو ما يستدعى ايضاً أن يتم تشكيل مجموعات عمل حقيقية ووضع برامج زمنية وخطط عملية  يشترك فيها عدة وزارات منها الثقافة وذلك بأن يتم اعداد برامج محددة يتم تقديمها عبر قصور وبيوت الثقافة تخاطب البسطاء وتستهدف إحياء الصفات النبيلة التى يحث عليها ديننا السمح ويجب ان تشارك وزارة الأوقاف من خلال تدريب وتأهيل الأئمة والدعاة من أجل الإضطلاح بدورهم فى استنهاض الصفات النبيلة التى يحض عليها الدين وهى صفات نحن احوج ما نكون اليها الآن ، أما وزارتا التعليم العالي والتربية والتعليم فإن دورهما فى هذا الأمر مهم للغاية لأنه من خلال التعليم يمكن بسهولة غرس القيم الدينية فى نفوس الطلاب والتلاميذ وخاصة تلك القيم التى تبعث على الارتقاء بالمجتمع مثل صفة الاخلاص فى العمل والصدق والتفانى فى حب الوطن بينما نجد وزارة الشباب تشارك فى هذه الدعوة بأن تصبح بمثابة حائط الصد الأولى لمنع وصول الافكار الهدامة الى عقول الشباب وذلك من خلال حثهم على ممارسة الرياضة التى بكل تأكيد سوف تفرز لنا جيل مؤسس على احترام القيم والمبادئ الدينية ويعى جيداً أهمية وجود الصفات الدينية النبيلة على هذا النحو ، ليس هذا وحسب بل أنه يجب ان تشارك فى تلك الدعوة الحيوية مؤسسات المجتمع المدني بكل منظماته سواء في النوادي أو الساحات  ، كما ينبغى أن تضطلع كل جهة بدورها المنوط بها حتي نتمكن فى نهاية الأمر من القضاء علي تلك الظواهر الدخيلة علي الدين والغريبة علي ثقافة مجتمعنا.  
وعلى الرغم من كل ما سبق ذكره فإنه وللاسف الشديد توجد بيننا فئة ضالة تأخذ من هذا التوجيه الهام  والطرح الموضوعي لعلل ومشكل مجتمعنا ما يخرجنا عن المضمون ويغير العبارات من سياقها ليفتعلوا أزمات ويثيروا فتنة بين قيادة رشيدة وزعامة وطنية و أعلي جهة دينية متمثلة في شخص شيخ الازهر فضيلة الامام الطيب الذى اراه طيباً بالفعل إسماً  ومسمي ، سلوكا ومعني وهو ما يمكن بلورته فى تلك الحالة التى عشناها مؤخرا والتى يتم التدبير لها بمعرفة أعداء الوطن الذين يستهدفون فى المقام الأول ضرب وحدتنا وتماسكنا ليسود الجدل فى المجتمع ويضيع الهدف وتثار الفتنة  وتهلك الامه  .. وهو فى تقديرى  أمر مهم يدق ناقوس الخطر ويضع ايدينا على تشخيص الداء وبالتالى تحديد الدواء .. لذا اقولها واكررها مدوية : "انتبهوا أيها السادة" .. المتربصون بنا كثيرون والاعداء في الداخل اكثر من الخارج والرئيس  وشيخ الازهر  كلاهما يعمل تحت راية واحدة وهدف واحد وهو السعى نحو إعلاء راية التوحيد ونشر صحيح الدين  ومواجهة التطرّف ومحاربة الاٍرهاب .. ولعن الله كل من اثار فتنة بغير سبب او من تسبب في افتعال أزمات نحن فى غنى عنها الآن خاصة واننا نعيد بناء الدولة من خلال الكثير من الخطوات الاصلاحية فى شتى مجالات الحياة .
الامر الذى يدعونى الى القول بأننا الان فى اشد الحاجة الى ترجمة دعوة السيد الرئيس بشكل عملى على أرض الواقع وذلك بأن يشارك كل منا قدر استطاعته فى اعادة الاعتبار للقيم النبيلة والصفات الحميدة  التى لم يعد امامنا خيار آخر غيرها وهنا اثمن واقدر وأحيي  استجابة كل من استجاب لمبادرة سيادة الرئيس واستهلال المبادرة بقامة وقيمة هو المفكر المبدع د.رجائي عطية في حوار علمي ثري تناول فيه الخطاب الديني  ولغة الحوار التي تتسم بالحجة والنطق والاقتناع  فقد كانت استجابته عملية ومنطقية لتلك المبادرة وهو ما يدفعنى للقول ايضا بأنه حتي تخرج هذه الحوارات ويتسع دائرة الاستفاده من اثرها لبت قناة المحور الفضائة  ايضاً نداء السيد الرئيس من خلال صالون المحور الثقافى وتجاوبت مع موسسات المجتمع المدني وحرصت على أن تشارك مع كل عالم ومجتهد ومثقف يحب ان يدلي بدلوه في هذا المجال وتلك المبادرة لمواجهة افة التطرّف ومحاربة الاٍرهاب
وقد كان لقاء العالم الجليل رجائي عطية تلك الهامة والقامة  التي تثري كل من سمع او قرأ لها في مختلف نواحي الحياة بمثابة النموذج الذى يجب ان يحتذى به حيث كان أول من لبي نداء الرئيس بفكره المستنير وعلمه الواسع في شتي نواحي الحياة القيمية وخاصة في الجانب الديني والعقائدي الوسطي لنهج الاسلام الصحيح فطاف بِنَا في السيرة المحمدية وكثير من مؤلفاته الفقهية العميقة المعني والواضحة المفاهيم والتي ترد علي كثير من الادعاءات  والمغالطات الفقهية وهو فى تقديرى اسلوب مهم فى التعامل مع القيم  الدينية التى حثنا عليها الحبيب المصطفى بمفردات عصرية بسيطة تتمتع بالقدرة على الاقناع وتوصيل الفكره بسهولة ويسر خاصة واننا نعيش فى ظل مجتمع له طبيعة خاصة فى التعامل مع مثل تلك القضايا المتعلقة بالدين.
نعم نحن مطالبون بالتصدى لتلك المغالطات التى يتعمد البعض الترويج لها بخصوص دعوة الرئيس بإحياء صحيح الدين والفهم السليم للمبادئ التى تتركز عليها وسطية الاسلام ، فما تروجه ابواق الشر ودعاة الارهاب الفكرى هى فى تقديرى الخطر بعينه لأنه اشبه بأحاديث الإفك التى كانت تستهدف فى المقام الأول بث الفرقة بين المسلمين وزعزعة اليقين بالعقيدة الصحيحة واشاعة الفوضى فى المجتمع وتشويه صورة رموز الدين والعقيدة.
من هنا كانت دعوة الداعي للحوار حول صحيح الدين وفتح باب الاجتهاد للمجتهدين  شريطة ان يكونوا اهلًا  لهذه المسؤلية مؤهلين بالعلم والثقافة والمعرفة حتي تصادف الدعوة اَهلها  والقادرين علي تصويب الخطأ وتصحيح المفاهيم التي ينبغي ان تصحح بالحجة والمنطق والاقتناع  لنواجه التطرّف ونحارب الاٍرهاب
وفى مشربنا فإن هذا الأمر ليس بالأمر الصعب أو المستحيل فحينما بعث الله   الحبيب المصطفي خاتم الأنبياء والمرسلين بالحق المبين جعله دين ودنيا عبادة وقيادة منهج عمل ورسالة حياه تصلح لكل زمان ومكان ولسائر البشر اجمعين  وانزل كتابه الكريم  فيه خبر ما قبلكم وحكم ما بينكم ونبأ ما بعدكم من تحدث به صدق ومن حكم به عدل ومن عاش في معانيه لاتنضب وعجائبه لا تنتهي وإعجازه لا ينقطع واياته تتجدد وتنكشف اسرارها مع الزمان والمكان فإذا كان القران الكريم نزل في ليلة القدر (إنا أنزلناه في ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر  تنزل الملائكة والروح فيها باْذن ربهم من كل امر سلام هي حتي مطلع الفجر) صدق الله العظيم
وإذا كان نزول القران في ليلة فان التنزل يظل الي ان تقوم الساعة لا تنقطع عجائبة ولاتنتهي اكتشاف معانية التي تجليها الأيام والمجريات والاحداث والمتغيرات وهذا من اعجاز القران الكريم وهو ما يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن 
قضية إحياء الصفات النبيلة التى حثنا عليها الحبيب المصطفى ، اصبحت ضرورة شرعية وحضارية، فهى من القضايا التى لا يمكن الاستغناء عنها، وذلك حتى نستطيع القول أن المسلمين قد دخلوا بالفعل فى العصر الحديث بمقرداته وادواته التى بكل تأكيد تتطلب توعاً من المرونه فى التفكير وفى التعامل مع القضايا الحياتية وهو ما يفسر لنا حرص  الرئيس عبدالفتاح السيسي على تبنى هذا التوجه  وإصراره الدائم على التأكيد بأن هذا الأمر لا يستطيع أن يقوم به أحد بشكل فردى ولكنها قضية مجتمع بأكمله ينبغى أن تعمل مؤسسات الدولة وعلى رأسها الازهر والاعلام على المضى فيها بثبات من اجل تحقيق افضل النتائج مما سينعكس بالايجاب على المجتمع ككل وهو ما يضع ايدينا على مسألة فى منتهى الاهمية تتعلق بوجوب الاسراع فى اعادة احياء الصفات النبيلة التى يحض عليها الدين السمح والتعامل معها بجدية لأنها ضرورة "وجود" وذلك حتى نستطيع أن نصبح بالفعل رقما فاعلا ومؤثرين فى العالم كله فلا يمكن بأى حال من الأحوال دخول المسلمين العصر الحديث الا بهذا التوجه الذى يصب بالطبع فى صالح الامة ، خاصة أن العالم بأكمله وليس العالم الإسلامى فقط الذى يواجه الآن قوى ارهابية لها افكار ظلامية ومتطرفة تستلزم التصدى لها بقوة ومقاومتها بإحياء القيم الدينية النبيلة التى أراها بحق تمثل "صمان الأمان " لمجتمع ينهض الان بقوة.


حسن راتب ؛ احياء القيم الدينية صمام الأمان للمجتمع


البث المباشر

قناة الإتحاد
إستطلاعات الرأي