إتحاد المنتجين :مركز للدراسات الاستراتيجية والأبحاث وأرشيف للدراما العربية

مكتوب بواسطة عبد الرحمن
  • منذ 3 سنة
  • 491


إتحاد المنتجين :مركز للدراسات الاستراتيجية والأبحاث وأرشيف للدراما العربية

كتب الباحث الكاتب الصحفي : محمد عبد العزيز

ظلت الدراما التليفزيونية هى المادة الرئيسية على كل الشاشات والقنوات منذ بدء إنتاجها عربياً مع إنشاء التليفزيونات العربية في النصف الثانى من الخمسينيات  وتزايد الاهتمام بها بصورة كبيرة مع إنتشار القنوات التليفزيونية الأرضية ثم الفضائية فى مصر والعالم العربى, وعلى مدى أكثر من ستين عاما ظلت  الدراما التليفزيونية المصرية  فاكهة الشاشات العربية من المحيط إلى الخليج منذ بدايات الستينيات  مع بزوغ عصر التليفزيون المصري الذي انطلق عام 1960 من القاهرة مركز الثقافة والفنون العربية ..كانت الدراما التليفزيونية المصرية إلى جانب السينما والإذاعة والموسيقى والآداب أحد أهم أجنحة القوة المصرية الناعمة التي ساهمت في تشكيل وجدان المواطن العربي والإرتقاء بالمجتمعات العربية وصهرها في بوتقة القومية ومداعبة أحلامها المشروعة في الوحدة الشاملة.

ورغم غزارة هذا الإنتاج الدرامى على امتداد العالم العربى فليس ثمة جهد علمى لرصده وتوثيقه حفاظاً عليه للأجيال القادمة والتنسيق بين أفكاره وموضوعاته حيث لا يوجد مركز معلومات واحد متكامل يمكن الرجوع إليه للتعرف على تفاصيل أى عمل درامى مثل جهة أو سنة إنتاجه أو موضوعه أو كوادره البشرية في الوقت الذي تمت فيه بالفعل عدة تجارب لتوثيق الأعمال السينمائية العربية منها "موسوعة الكاتب والناقد محمود قاسم", كذلك المسرح منها موسوعة المسرح المصورة التي أعدها الناقد د. علاء دوارة, وبهذا تكاد تكون الدراما التليفزيونية العربية هى العمل الإبداعي الجماعي الوحيد الذي لم يتم توثيقه بعد باستثناء محاولة واحدة إقتصرت على الدراما المصرية أعدها طلبة كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا كمشروع تخرج عام 2016 بإشراف د. عزة هيكل عميدة الكلية والتي قدمت إسهامات عديدة في هذا المجال. 

ومن هنا فإن عملية الإنتاج الدرامى العربى قد تفتقد في كثير من الأحيان إلى المنهجية العلمية ووحدة التفكير رغم وحدة الجمهور, وفى ظل هذا الوضع تتكرر الأفكار والموضوعات وربما الأسماء, وهو ما يؤدى في النهاية إلى خلل فى توظيف " رأس المال العربى " الضالع فى عملية الإنتاج , فما تم إنتاجه من موضوعات فى مكان ما فى العالم العربى قد يتكرر فى مكان آخر رغم وحدة " السوق والجمهور " فى الوقت الذى يمكن فيه توجيه رأس المال العربى بصورة أفضل فى حالة توافر معلومات آنية وفورية ومتكاملة يمكن الرجوع إليها فى لحظات فى حال الشروع فى أى إنتاج درامى .

في بدايات عام 2004 تبلورت لدي فكرة إعداد موسوعة للدراما العربية دخلت من خلالها تجربة عميقة ومهمة تستحق أن تروي بما فيها من جوانب طريفة ورغم ما صادف التجربة من سوء حظ وعثرات قوية تسببت في عدم إتمامها إلا انه كان يمكن إكمالها بمزيد من الجهد والاستمرارية لكن ضغوط الحياة حالت للأسف دون استكمالها, وهي تجربة تحمل رسالة مهمة لشباب الباحثين بالإصرار وعدم التهاون في أي عمل قبل استكماله مهما واجهوا من عقبات.

في البداية لاقت الفكرة دعما كبيرا من نقاد وإعلاميين وصناع دراما منهم الناقدة الكبيرة خيرية البشلاوي رئيس تحرير"شاشتي", والإعلامية زينب سويدان رئيس التليفزيون, والراحل سعد عباس نائب مدير ماسبيرو في ذلك الوقت, إلى جانب كتاب ومخرجين كبار من صناع الدراما التليفزيونية أذكر منهم الكاتب الكبير يسري الجندى والمخرج الكبير إبراهيم الشقنقيري والكاتب مجدي صابر وغيرهم, وهو دعم دفعني لبذل مزيد من الجهد للبحث والتنقيب في "أضابير" وملفات وأوراق ودفاتر قطاع التليفزيون – بموافقات رسمية طبعا- إلى جانب مكتبة التليفزيون الرئيسية وكانت الحصيلة أكثر من 3000 عملا تلفزيونيا مصريا فقط مابين فيلم تليفزيوني وسهرة ومسلسل وتمثيلية, وبدأت تواصلي مع صناع الدراما العرب من خلال مهرجانات الإعلام العربي التي كانت تقعد سنويا بالقاهرة, ونشرت وكالة "رويتر" في ذلك الوقت تقريرا مطولا عن هذا المشروع, لكن للأسف كانت أغلب معلومات تلك الأعمال ناقصة لدرجة أن بعض الأعمال لايوجد منها في الأوراق والدفاتر سوى الأسم وهو مادفع لتغيير الفكرة من العمل الفردي إلى العمل المؤسسي, من خلال إعداد وبلورة مشروع متكامل وتقديمه لكل الجهات المهمة العاملة في مجال الإعلام ورغم التفهم والدعم الأدبي والمعنوي من العديد من المسؤلين في أعلى المستويات إلا أن المشروع تعثر بصورة كبيرة, أذكر منهم الإعلامي الراحل أمين بسيوني الذي خاطب رئيس اتحاد الإذاعات العربية في الموضوع والدكتور محمود عبد العزيز رئيس دائرة الإعلام في جامعة الدول العربية في ذلك الوقت الذي دفع لاستخراج توصية رسمية لمناقشة المشروع في لجنة التليفزيون باتحاد الإذاعات العربية, والأعلامي إبراهيم العقباوي و الإعلامي د. عادل معاطي.

أطرف المواقف التي تعرض لها المشروع هو إصرار جهة إعلامية  بعد جلسة خاصة لمجلس إدارتها لمناقشة الموضوع على قيامي باستكمال عملية التوثيق دون مقابل, ثم قيامي بتقديم دعم إعلاني يتحمل نفقات نشر الموسوعة في مقابل وضع إسم الجهة الإعلامية عليها, والأطرف أن تلك الجهة قامت بعد ذلك بتوثيق أعمالها فقط دون الرجوع إلى صاحب الفكرة والمشروع.

على أن الدعم الأكبر والأكثر أهمية للفكرة هو ما تم تقديمه من الإعلامي د. إبراهيم أبو ذكري رئيس اتحاد المنتجين العرب الذي بادر بإنشاء مركز الدراسات والبحوث بالاتحاد وكلفني بادارته وكان ثمرته ثلاثة تقارير سنوية غير مسبوقة عن الدراما العربية كان لها صدى واسعا في عدد كبير من وسائل الإعلام العربية لكن العمل توقف للأسف لأسباب كثيرة منذ يناير 2011.   

تبقى ضرورة هذا المشروع مستمرة وشديدة الأهمية على كافة المستويات للحفاظ على ذاكرة الأمة العربية التى سجلتها الأعمال التليفزيونية وصورت من خلالها حياة المجتمع المصري والعربى على مدى أكثر من ستين عاما, والرصد الدائم والمستمر للإنتاج الدرامى التليفزيونى فى مصر و العالم العربي, وإفادة الباحثين والدارسين وخلق مادة علمية جديدة يدفع إليها توافر هذه المعلومات من خلال هذا الكم من البيانات والإغراء بتحليله ودراسته ودراسة المجتمع الذى صورته هذه الدراما , والعلاقة بين الدراما والمجتمع وغيرها من جوانب البحث التى ستولد المئات من الدراسات والبحوث التى تفيد الإنسان المصرى والعربى, وهو مايمكن تنفيذه من خلال مركز علمي للدراما العربية تتبناه أي جهة رسمية أسوة بمراكز السينما والمسرح الموجودة بالفعل.


إتحاد المنتجين :مركز للدراسات الاستراتيجية والأبحاث وأرشيف للدراما العربية


البث المباشر

قناة الإتحاد
إستطلاعات الرأي