رسمي محاسنة : الدراما المصرية اليوم ليست هي دراما الأمس .!

مكتوب بواسطة ابو ادهم
  • منذ 24 يوم
  • 58


رسمي محاسنة : الدراما المصرية اليوم ليست هي دراما الأمس .!

رسمي محاسنة: صحفي وناقد اردني.
في نظرة سريعة على الدراما التلفزيونية المصرية، نلاحظ انها تراجعت كثيرا عن ريادتها ودورها وتاثيرها وجمهورها الممتد على مدار الوطن العربي، واصبحت ملامح التراجع والوهن الذي اصاب هذه الدراما واضحا للجميع، حيث الغياب الواضح للمقترحات الفكرية والجمالية،ولم تعد هي الوريثة الشرعية لدراما الزمن الجميل، التي تكرست على ايدي اسماء وازنه سوا في الكتابة او الاخراج، وتلك الثنائيات التي قدمت اعمالا ماتزال خالدة في ذاكرة الانسان المصري والعربي، كما في اعمال "اسامة – انور عكاشة – محمد الفاضل" وكتابات محفوظ عبدالرحمن،ووحيد حامد،ومخرجين امثال اسماعيل عبدالخافظ،و ابراهيم الصحن،فقد كان التنافس بين الكبار،لتكون النتيجة اعمال ناضجة ومكتملة.
ربما كان للاعداد الكبيرة للفضائيات التلفزيونية التي خلقت سباقا محموما لالتهام اعمال تلفزيونية،دورا في تراجع الدراما المصرية، فكان هذا الاستعجال الذي ادى الى تحييد الكاتب الجيد،فكانت النتيجة اعملا سطحية، وتشابهت في افكارها لدرجة ان المتابع يحس ان كثير من الاعمال قد خرجت من ورشة كتابة واحده،قلا اهتمام ببناء الشخصية، ولا ببناء الاحداث،فكان هذا التفكك والاجترار المكشوف لمواضيع تم استهلاكها.
هذا الوضع ادى الى صناعة وهمية لابطال تتم الكتابة على مقاسهم،من كتّاب محدودي الموهبة، كل ذلك على حساب المحتوى الفكري والفني للعمل،والاهتمام فقط باظهار صورة البطل،الذي ساهمت في ايضا في تسويق هذا"الوهم" السوشال ميديا، وتلك الكتابات والمتابعات الساذجة، وغياب النقد الفني الحقيقي، ومحاصرة الناقد، اما بمصالح مرتبطو بوسيلة الاعلام نفسها، او انحسار مساحة الكتابات الجادة، وتراجعها امام غول السوشال ميديا الذي يسوّق مفهوم التفاهة.
ان الدراما التلفويونية المصرية، تنازلت عن ذلك الارث العظيم،الذي ساهم بصناعة الوجدان العربي،ولانها غيرت قوانين وشروط اللعبة، فانها تراجعت عن دورها، وزحفت عليها الدراما العربية، مثل الدراما السورية، وجزئيا الدراما الخليجية، وذلك على حساب حصتها من الجمهور العربي، لانها لم تقدم تلك الاعمال التي كانت تفرغ الشوارع العربية عند بثها، مثل ليالي الحلمية وبوابة الحلواني وقال البحر وغيرها،وباتت تقدم دراما بعيدة عن الواقع المصري والعربي،فلا نصوص مكتوبة على الورق بشكل ابداعي، ولا رؤية اخراجية تقدم المعادل البصري الذي تعود عليه المشاهد المصري والعربي، حيث كانت "الفكرة" هي "البطل"،في اعمال تكاملت فيها عناصر العمل التلفزيوني، بدءا من"التتر"وانتهاء باخر لقطة في المسلسل.ولذلك وجد المشاهد نفسه معزولا عن هذه الدراما بشكل عام الا في اعمال قليلة لاتليق بتاريخ مصر وريادتها،فكان ان اصدر المشاهد حكمه ضد هذه الدراما التي في اعمال كثيرة لم تراع منظومة القيم الاجتماعية،واستخدمت مفردات دخيلة على المشاهد،واحيانا تصويرمشاهد  في اماكن خارجة عن مألوف ماتعود عليه المشاهد، اضافة الى الاداء الهابط ل"النجوم"،حيث الاداء المفتعل والانفعالي،وفوق هذا كله اخطاء قاتله، سواء المسائل المتعلقة بالتاريخ، او من حيث اخطاء البناء الدرامي للمسلسل.
لو تساءلنا عن الحل للخروج من هذا المأزق فربما يكون بعودة قطاع الانتاج، الذي سبق له ان قدّم الروائع، وفق رؤى فكرية وجمالية،وادارة تضع في اعتبارها اهمية ودور وخطورة الدراما التلفزيونية.
مسالة اخرى اشتركت فيها الدراما الرمضانية المصرية مع الدراما العربية هذا العام، وهو غياب فلسطين وغزة،او تغييب القضية الفلسطينية،وهو امر ملفت للنظر، وسؤال كبير يستحق ان يتم طرحه ومناقشته،في الوقت الذي يتم فيه الاحتفاء باعمال، غير ناضجة فنيا وفكريا.


رسمي محاسنة : الدراما المصرية اليوم ليست هي دراما الأمس .!


البث المباشر

قناة الإتحاد
إستطلاعات الرأي